Pages

Pages

31‏/01‏/2014

عمـر الشـريف يُشهـر إسـلامه تانى

عمـر الشـريف يُشهـر إسـلامه تانى



عمر الشريف أدى العُمرة.. عادى.. ملايين المسلمين يؤدونها كل يوم.. وعمر الشريف مسلم.. تقول أوراقه الشخصية أنه أشهر إسلامه فى عام 1955 ..كما أن عشرات النجوم غيره فعلوها.. بل إن رحلة العُمرة عند بعض النجوم أصبحت أسهل من قضاء إجازة استجمام فى شرم الشيخ.
لكن عُمرةَ عمر موضوع مختلف وغريب وغير عادى. لأنه باختصار وجد نفسه مطلوباً منه إشهار إسلامه للمرة الثانية.. حدث هذا بالفعل . الصدفة هى التى قادت عمر إلى مكة.. كان فى السعودية فى مهمة «بيزنس» سريعة، اضطرته للذهاب إلى الرياض للقاء عدد من رجال الأعمال السعوديين، وفى السعودية راوده الخاطر وألح عليه: لماذا لا تؤدى العُمرة، إنه يسمع من أصدقائه كثيراً عن المتعة والنشوة والنور والفيوضات الإلهية التى تغمر من يلبى نداء الله، ويدخل بيته الحرام معتمراً أو حاجاً، فليجرب تلك الفيوضات ويدخل تلك الاشراقات ويغسل قلبه المكدود بالغربة والشتات وتجارب السنين، ثم من أدراه أن تلك الفرصة سوف تواتيه من جديد، سنوات العمر فرت من بين يديه، وأوشكت أن تبلغ به عامه الخامس والسبعين. وأسر بخاطره إلى مضيفيه، فرحبوا وهللوا، واعتبروه نصراً للإسلام سيطولهم ثوابه إذا شجعوه وساعدوه وقادوه إلى رحاب الله وكعبته الطاهرة، وفاض بهم الحماس فاتصلوا بمسئول سعودى بارز ليزفوا له الخبر، وجاءتهم المفاجأة المذهلة التى لم يتوقعوها، ولم يحسب عمر حسابها أبداً: على عمر الشريف أن يُشهر إسلامه.. إذ لا يدخل الحرم المكى إلا المسلمون! ورد عمر بدهشة واستغراب: ولكنى أشهرت إسلامى بالفعل قبل نصف قرن! قال المسئول السعودى: نحن غير مطمئنين إلى إسلام ميشيل شلهوب.. فعلها على الورق ليصح زواجه من امرأة مسلمة.. وغير اسمه من أجلها ومن أجل السينما إلى عمر الشريف.. ليجدد نيته على الأقل ويشهر إسلامه من جديد، إذا كان صادق النية فعلاً فى أداء العمرة، والوقوف بين يدى الله!
وكانت الورطة..

وتوقع المضيفون أن يثور عمر، ويذهب به الغضب إلى منتهاه، وهو المعروف بعصبيته وردود أفعاله غير المحسوبة.. لا يغيب عن ذهنهم مثلاً ما فعله مع وزير خارجية فرنسى شهير، كان مجنوناً بلعبة البريدج، اتصل بعمر ــ أشهر نجومها ــ يطلب منه تحديد موعد لإقامة مباراة معه فى البريدج، وأثناء اللعب فوجىء عمر أن الوزير متواضع المستوى، وأنه لا يجيد حتى قواعد اللعبة، ويخطئ فى كل مرة يتولى فيها توزيع الورق.. حاول عمر أن يتمالك أعصابه، ولكنه فشل، وفوجىء الوزير بالنجم الشهير يقذف بورق اللعب على المائدة فى غضب، وينصرف بطريقة غير دبلوماسية، تاركاً الجميع فى حالة من الذهول. هو موقف ندم عليه عمر فيما بعد،وعاد واعتذر.. ولكن بعد فوات الأوان. ولا أنسى كذلك حالة الذهول والدهشة التى عاشها وكتب بها أستاذنا الناقد الكبير رجاء النقاش عندما «استلمه» عمر الشريف فى سهرة خاصة جمعتهما فى ليلة صافية من شتاء عام ,2004 فإذا بالسهرة تتحول إلى أعاصير وعواصف، والمناقشة الهادئة إلى سيل من الهجوم الجارح والألفاظ القاسية، اضطر إزاءها النقاش إلى الانسحاب بهدوء.. وخرج ليكتب مقالاً يصف فيه ما حدث، حمل عنوان «عمر الشريف والحمير»، و«الحمير» كانت أقل الألفاظ حدة التى استخدمها النجم الكبير فى وصف الصحفيين فى تلك السهرة العاصفة. إذن هو الانفجار..
ستتطاير إذن الألفاظ والإشارات فى وجوههم حتماً، وسيحمل عمر الشريف جواز سفره، ويضع نفسه فى أول طائرة تغادر المملكة، رداً على الإهانة لشخصه، والاستهانة بإيمانه.. لكن ما حدث فاق كل التوقعات. بكل هدوء وسكينة استجاب عمر للشرط المستفز دون انفعال ولا عصبية، نطق بالشهادتين، مشهراً إسلامه للمرة الثانية، مصمماً على أداء العمرة، مؤكداً سلامة قلبه وطويته. وأحرم عمر الشريف.. رافضاً أى «شو» إعلامى أو دعائى، بل مجرد التقاط صور تذكارية للمناسبة الجليلة، والتجربة الإيمانية التى يخوضها لأول مرة فى حياته، وعاد مغتسلاً منتشياً، بعد أن طاف وصلى واعتمر، ووقف فى خشوع أمام البيت العتيق طالباً العفو والمغفرة. يرفض النجم الكبير من حينها الحديث عن تلك التجربة بتفصيل، مكتفياً بإشارات وشذرات للمقربين منه، مفضلاً أن يحتفظ بأسرار التجربة وجلالها، وإن كان التشكيك الذى حدث فى إسلامه، وإجباره على إشهاره من جديد، قد ترك فى نفسه «غُصة»، وفى حَلَقه مرارة، وفى قلبه وجعا.. ولكن «حلاوة» التجربة جعلته يتجاوز عن تلك المرارة، ويبتلع تلك الغصة، ويحتمل الوجع.

أشهر عمر الشريف إسلامه للمرة الأولى فى عام 1955، كانت قصة الحب المتأججة التى جمعته بفاتن قد كتب لها النهاية السعيدة، وتطلب الزواج أن يشهر إسلامه، وبلا تردد وقف أمام باشكاتب محكمة مصر الشرعية لينطق بالشهادتين، ويعدل ديانته كشرط للزواج. ومن المحكمة إلى بيت فاتن بالزمالك، حيث كان فى انتظاره المأذون لعقد القران، الذى شهد عليه صلاح أبو سيف وفطين عبدالوهاب، ودفع عمر مهرا قدره «2000» جنيه، وكان عمره وقتها 22 عاما. ومن حينها سجل عمر فى أوراقه الرسمية أنه مسلم الديانة، ولم يطالبه أحد بإثبات إسلامه إلا بعد أن دخل عامه الخامس والسبعين. فى علاقة عمر الشريف بالإسلام وقائع وحكايات مثيرة تصب فى صالحه غالبا، وتعطى صورة براقة ومختلفة، لكنه لم يحاول أبدا استغلالها أو استثمارها أو المتاجرة بها، وقد أتيح لى أن أتعرف على بعضها، وبينها تفاصيل تنشر لأول مرة، وتقدم جانبا لايعرفه كثيرون عن عمر الشريف، الذى طغت كثيرا فى الأذهان صورته كمقامر ودنجوان ورفيق للكأس وعاشق للحياة حتى الثمالة. سوف تدهشك هذه المعلومات والوقائع التى حكاها لى عمر الشريف فى كواليس مسلسله «حنان وحنين»، وشاركته المخرجه إيناس بكر:
ـ لا يغمض له جفن إلا إذا كان هناك مصحف شريف موضوع فى حجرة نومه، وعلى كثرة ترحاله، وعدد الفنادق والأماكن والعواصم التى ارتادها وحط فيها رحاله لاتفارقه هذه العادة.. إنه يشعر باطمئنان وسكينة وحالة من الهدوء النفسى فى وجود المصحف، ولذلك فهو المطلوب رقم1 فى حقيبة سفره التى لاتعرف معنى الاستقرار. عندما انفصل عن فاتن حمامة، بعد 15 سنة زواج، وقرر الرحيل مودعا القاهرة والذكريات والأصدقاء، حمل معه ابنه الوحيد طارق.. وفى الغربة والشتات اضطر لأن يدخل طارق مدرسة داخلية فى باريس، وشب طارق على اللغة الفرنسية والثقافة الأوروبية، وخاف الأب أن تتأثر ثقافته العربية الإسلامية، وأن ينشأ مقطوع الصلة بها، لا أثر ولا تأثير لها فى نفسه وعقله ووجدانه.. فاستعان عمر بشيخ فلسطينى كى يدرس طارق على يديه اللغة العربية والقرآن الكريم.

وعندما ذهب إليه طارق ذات يوم ليخبره بوقوعه فى الحب، ونيته فى الارتباط بامرأة يهودية، اعترض الأب، وراح يثنيه، ويقنعه بخطأ الاختيار، ولكن نزق الشباب كانت له الكلمة الأخيرة، وتوقع الأب أن تفشل الزيجة بعد فترة قصيرة، وصدقت توقعاته، ولم يدم الزواج أكثر من عامين، ولكنه كان قد أثمر عن طفل رضيع، اختار له أبوه اسم «عمر»، حاول طارق أن يضمه إلى حضانته، ولكن المحكمة حكمت أن تكون الحضانة لأمه اليهودية.. فسارع عمر الجد ليستخرج جواز سفر لعمر الحفيد يثبت فيه ديانة الصغير الإسلامية، طبقا لديانة الأب.. وكان عمر الجد حريصا على زيارة عمر الحفيد كل فترة، ليثبت جذوره، ويتواصل معه، ويسقيه حضارة وثقافة أهله، ومازال يفعل. ولايعرف كثيرون أن زوجة طارق الحالية «د.شهيرة» سيدة متحجبة، وأنها أقرب زوجات طارق الثلاث «تزوج من أوروبية وانفصل عنها» إلى قلب عمر الشريف، وزاد تعلقه بها بعد أن أنجبت لابنه حفيده «كارم» 7 سنوات، نقطة ضعف عمر، وأقرب مخلوق إلى قلبه، بل إنه سر بقائه فى مصر خلال السنين الأخيرة، فالأوقات التى يقضيها مع كارم، مشاغبا وملاعبا هى الآن الأجمل والأسعد فى حياته..
ويردد أن «أم كارم» هى النموذج الأمثل للمرأة المسلمة العصرية الملتزمة.. عمر الشريف بداخله رجل شرقى محافظ فقد ذهبت إليه حفيدته «مارين» لتطبع على جبهته قبله الكريسماس، ومارين هى ابنة نادية ذو الفقار، ابنة فاتن حمامة من زوجها الأول عز الدين ذو الفقار المخرج الشهير، وتولى عمر تربية نادية بعد زواجه من والدتها، واعتبرها كابنته بعد الرحيل الخاطف لوالدها، واعتبر أبناء نادية بعد زواجها بمثابة أحفاده، ولم يفرق أبدا فى المعاملة بينهم وبين أحفاده الشرعيين لابنه طارق.. كانت مارين يومها تبلغ من العمر 16 عاما فقط، ولاحظ عمر أنها ترتدى فستانا مفتوحا بدون أكمام، فلم يملك نفسه من الغضب، واعترض أن ترتدى حفيدته فستانا بهذا الشكل، واتصل بفاتن لتمنع حفيدتها من الخروج إلى السهرة بهذا الفستان الذى لا يتناسب مع عمرها، وأن تجبرها على استبداله بآخر أكثر حشمة!!
- لا تحاول أن تتصل بعمر الشريف يوم الجمعة فى الخامسة عصرا ستجده حتما خارج نطاق الخدمة، منذ سنوات اعتاد الرجل أن يجلس فى هذا الموعد تحديدا أمام شاشة التليفزيون، ليشاهد فى اهتمام وإنصات وتركيز خواطر الشيخ الشعراوى الإيمانية «تذاع الآن فى هذا التوقيت على فضائية دريم الخاصة بعد أن استغنى عنها التليفزيون المصرى وحذفها من خريطته». لعمر الشريف رأى إيجابي فى الشعراوى، يراه نموذجا للداعية العصرى، الذى يفسر القرآن بلغة سهلة بسيطة مفهومة وعميقة فى آن معا. كما أن لديه قدرات استثنائية على جذب مسامع مشاهديه، والاستحواذ على تركيزهم وإعجابهم. وهو لم يلتق أبدا بالشعراوى . وإحدى أمنيات عمر الأثيرة هذه الأيام أن يحصل على نسخة كاملة من تفسير الشعراوى «فيديو أو CD»، ليعيد الاستماع إليها كلما شاء، بدلا من الانتظار لموعد حلقته الأسبوعية. الشعراوى أحد الذين دلوا عمر الشريف على مواطن الرقى والعظمة والسمو فى الإسلام وشريعته.. معايشته الطويلة للثقافة الأوروبية جعلته يحمل إعجابا شديدا وحماسا متناهيا لبعض سلوكياتها.. وطالما تمنى نقلها إلى الثقافة الإسلامية، فإذا به يفاجأ بأن الإسلام كان أسبق فى طرحها والدعوة إليها والترغيب فيها.. فبات على يقين أن المشكلة فى المسلمين وليست فى الإسلام، وأن شريعته تحمل من السمو الأخلاقى والنفسى ما يجعلها تتفوق فى كثير من المناحى على الحضارة الغربية الحديثة. عن عمر الشريف عندى سر جديد آخر يذاع لأول مرة، ملخصه أنه رفض دعوة رسمية من الرئيس بوش لحضور حفل الكريسماس الأخير فى البيت الأبيض. أما التفاصيل، فتقول أن أركان إدارة بوش من المحافظين الجدد فكروا فى تجميل صورة بوش، وفى رفع شعبية أمريكا المنهارة فى العالم العربى، عن طريق الاستعانة بنجم عربى مسلم يحظى بجماهيرية بين الشعوب العربية، عسى أن تنسحب تلك الجماهيرية على بوش، وينوبه من الحب جانب.
ووقع الاختيار على عمر الشريف، وكان بوش يظن أن عمر سيطير من السعادة على هذا الاختيار، وسيكون ممتنا غارقا فى البهجة لكونه ضيف بوش فى حفل رسمى صاخب تحوطه الأضواء والعدسات، ويتمنى أى نجم فى العالم المشاركة فيه، وأن يحظى بهذا الشرف الكبير، وجرى الاتصال بعمر، وكانت الصدمة التى أذهلتهم رفض عمر الشريف الدعوة بكبرياء. وكان رده المعلن: آسف لا يمكننى قبول هذه الدعوة الكريمة، لأننى يا مستر بوش رجل أحب أسرتى مثلك، ولا يمكننى أن أقضى تلك المناسبة بعيدا عنهم». أما السبب غير المعلن فهو أن عمر لديه نفور شديد من سياسة بوش الهمجية، وخاصة ما يتعلق منها بالتعصب الدينى، والذى تجسد فى زلة لسان، وفى عبارات من نوعية «الحرب الصليبية»، وهو أمر غير قابل للغفران أو التسامح عند عمر الشريف. رفض عمر دعوة بوش.. فى حين قبل دعوة فى توقيت متزامن على شرف امرأة تنافس بوش فى الاستفزاز والكراهية الشعبية، حدث ذلك فى القاهرة قبل شهور عندما جاءت «الأميرة» الجديدة «كاميلا» لتقضى جزءا من شهر العسل فى مصر مع زوجها الأمير تشارلز ولى عهد إنجلترا.. وكنوع من الاحتفاء بالعروسين، تم تنظيم حفل عشاء خاص على شرفهما، يحضره عدد من المسئولين المصريين وشخصيات عامة لامعة.
وجهت دعوة لعمر فقبلها، وهو ما أثار استغراب واستياء واحدة من أقرب المقربين إليه الكاتبة والمخرجة إيناس بكر، التى حرضته على الاعتذار، وتساءلت فى دهشة: كيف تضع يدك فى يد تلك المرأة التى ساهمت فى النهاية المأساوية التى وصلت إليها أميرة القلوب وصديقتك الأميرة الراحلة ديانا؟! وبلغتها هى: إزاى تروح للست إللى موتت ديانا وحولت حياتها لجحيم؟ كانت إيناس تعرف مدى المحبة التى يكنها عمر لديانا، التى التقاها مرارا، وربطتهما مساحة من الود والإعجاب المتبادل.. وبلهجة طفولية آسرة فسر موقفه: دول ضيوفنا.. ثم إنهم عازمنى علشان أسليها.. ما أروحش إزاى؟!

فى البيت الحرام.. وقف عمر أمام الكعبة المشرفة ودعا من قلبه بالصحة والستر.. والمغفرة. فأما الصحة فقد حسده كثيرون عليها قبل أيام عندما احتفل بعيد ميلاده الخامس والسبعين وسط حشد من الأصدقاء والزملاء فى فندق يتبع مدينة الإنتاج الإعلامى.. كانت حيويته ورشاقته وحضوره تمنحه عمرا أقل بكثير مما هو مدون فى شهادة ميلاده، وكان الدنجوان العجوز فى كامل لياقته وسحره، ومحط إعجاب ونظر الجميلات.. كالعادة. وأما الستر فتجسد فى عشرات الأعمال التى تطرق بابه، وتنتظر منه نظرة رضا.. ومن بين عشرات منها اختار مسلسلا واحدا «حنان وحنين»، وفيلما واحدا «المسافر»..
ودخلت جيبه أموال تفيض عن متطلباته وزيادة. بل إنه طلب من الشركة المنتجة للمسلسل أن تأخذ جزءا من أجره حوالى 150 ألف جنيه لتضيفه إلى أجر رفيق عمره وزميل كفاحه وأفلامه الفنان أحمد رمزى، بعد أن فشلت اللوائح الروتينية فى زيادة أجره بما يليق باسمه ومكانته.. وظروفه. ولعمر الشريف أمنية طالما أسر بها لأقرب المقربين إليه، وهى أن يقضى ما تبقى له من العمر فى فندق، يعيش فى حجرة واحدة أو على الأقل مجاورة لحجرة رمزى، يودعان الدنيا معا فى هدوء وسكينة..
هل دعا عمر أن يحقق الله له هذه الأمنية وهو فى الكعبة المشرفة؟ أشك أنه فعلها..
لماذا؟! 
لأن الحياة فى حالة عمر الشريف يمكن جدا أن تبدأ بعد الخامسة والسبعين.